أعظم أمنية يتطلَّع إليها المؤمنون باللّه في كل دين من الأديان، هي الحصول على الغفران. ويرنم داود النبي: طوبى للذي غُفر إثمه وسُترت خطيته. طوبى لرجل لا يحسب له الرب خطية (مزمور 32: 1 و2) .

لكن مما يُؤسف له أن معظم هؤلاء المؤمنين يختلفون فيما بينهم اختلافاً كبيراً من جهة السبيل إلى الغفران. فيقول فريق منهم إنه يكون بالصلاة والصوم، ويقول فريق آخر إنه يكون بالتوبة وتقديم الصَّدقة، ويقول فريق ثالث إنه يكون بشفاعة القديسين والصالحين، أو بهذه الوسائل مجتمعة. ومما زاد الموقف غموضاً وتعقيداً لديهم، أن الذين يقومون منهم بهذه الأعمال بكل دقة وإخلاص لا يثقون أنهم حصلوا على الغفران الذي ينشدونه. فإذا سألنا واحداً منهم: هل يثق أن اللّه غفر كل خطاياه؟ أجابنا: إن الثقة بذلك هي من باب الرجم بالغيب، لكنه يقوم بالأعمال المذكورة، عسى أن يغفر اللّه له، ولعله يُرحَم.

والآن لنسأل أنفسنا سؤالين:

1 هل يمكن أن يضع اللّه أكثر من سبيل واحد للغفران؟
2 هل يليق بكماله أن يتركنا طوال وجودنا على الأرض في شك من جهة الصفح عن خطايانا؟

والإجابة عن هذين السؤالين هي طبعاً: كلا.

ولما كان الأمر كذلك، درس الكاتب السُّبل السابق ذكرها في ما استطاع الحصول عليه من كتب القائلين بها، كما درس السبيل الذي أعلن الكتاب المقدس أنه يضمن للسالكين فيه الحصول على الغفران التام منذ الآن، فأسفرت الدراسة عن إصدار هذا الكتاب. وهو إذ يضعه بين يدي اللّه، يرجو أن يرافقه بنعمته لأجل مجده وخير الراغبين في غفرانه